البويهيون الإثنا عشريون حكام بغداد (٣٣٤-٤٤٧ هجرية)

اقرؤا التاريخ إذ فيه العبر
ضل قوم ليس يدرون الخبر.
بنو بويه من الديلم وهي قبائل فارسية سكنت شمال غرب ايران قرب بحر قزوين أو بحر الخزر نسبة الى مملكة الخزر اليهودية، تأسست دولة البويهيين (أول دولة إثني عشرية) على يد علي بن بويه، الذي اتخذ شيراز عاصمة له واتخذ شقيقة الأصغر حسن الري(مشهد) عاصمة.
أما أصغر أولاده أحمد بن بويه الملقب بـ “معز الدولة” فقد احتل بغداد 334 ﻫ واتخذها عاصمة له. وقد اخضع البويهيون الخليفة العباسي المستكفي لسطانهم بعد اهانته دون قتله، ومنحوه راتبا مقطوعًا دون تدخله في الحكم.
يدين البويهيون بالديانة الاثنا عشرية، وبدأوا سب الصحابة، الذين فتحوا بلاد فارس.
وفي عام 351 أفاق أهل بغداد وقد ملأت جدرانها ملصقات سب الصحابة، وكتب أعوان بني بويه على المساجد لعن معاوية والخلفاء الثلاثة. والخليفة العباسي لا يقدر على منع ذلك. وفي عام 352 ﻫ ظهرت مراسم النياحة واللطم والممارسات التحريضية في مجالس العزاء على مقتل الحسين التي يصفها ابن كثير بقوله: ” فكانت الدبادب-الطبول- تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق وتعلق المسوح على الدكاكين والابواب (المسوح =الاعلام السوداء). ويظهر الناس الحزن والبكاء. ثم تخرج النساء حاسرات عن وجوههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن حافيات في الأسواق، إلى غير ذلك من البدع الشنيعة ، وقد اكتمل صناعة التشيع الشعوبي زمنهم، وسعوا إلى نشره عن طريق بناء المراكز وتشجيع اتباعهم على تبنيه، فصار له محدثون وساسة ومؤرخون وقصاصون، كلهم من الفرس أو المتفرسين منهم: محمد بن يعقوب كليني المتوفى 319 ومصنفه” الكافي”، وهو أحد أربعة كتب معتمدة عند المراجع، وتسمى” كتب الرجال”. والكتاب الثاني هو” من لا يحضره الفقيه” لابن بابويه قمي (300؟-381ﻫ) .
أما الكتابان الآخران فهما “الاستبصار” و”التهذيب” لمؤلفهما محمد بن الحسن طوسي (385 – 460 ﻫ) . ومنهم تلميذ قمي، محمد بن النعمان الملقب بشيخ الطائفة أو “الشيخ المفيد” (338- 413 ﻫ). والمؤرخ القصّاص أبو فرج الأصفهاني (284-356 ﻫ) صاحب “الأغاني” و”مقاتل الطالبيين” المقرب من أولاد بويه. والشاعر الشعوبي الشريف الرضي (359-404 ﻫ) المقرب منهم كذلك، مؤلف كتاب (نهج البلاغة) المنسوب للخليفة الراشد عليّ زورا، بعد أكثر من ثلاثة قرون على وفاته” وهو كتاب بدون سند ولا متن صحيح، فيه الكلام المنمق في الصناعة الأدبية والصيغ الفلسفية للمناطقة والفلاسفة المخالف لكلام الصحابة الراشدين وما يوجد فيه من وصف الطاووس والخفاش والنمل والنحل والسحاب وغيرها وكثرة الخطب وطولها مما يتعذر حفظه”.
والسحاب وغيرها وكثرة الخطب وطولها مما يتعذر حفظه”.
دعم البويهيون الفلاسفة والمناطقة كإخوان الصفا ونسبوا رسائلهم الى جعفر الصادق علما أنهم ظهروا بعد وفاته ب 140 سنة. وساند بنو بويه علماء الباطنية الفرس منهم موسى بن داود شيرازي الملقب بـ(المؤيد)، وهو أحد مؤسسي الحركة القرمطية الإسماعيلية “ومن أشهر كتبه كتاب “المجالس المؤيدية “. و”الإيضاح والتبصير في فضل يوم الغدير”. وأبو القاسم علي أحمد العلوي الكوفي، ومن كتبه “الاستغاثة في بدع الثلاثة ” ويقصد بالثلاثة أبابكر وعمر وعثمان.
وانفجر في زمنهم المجتمع البغدادي بحرب طائفية لأول مرة بزرع الكراهية والعنف بين شرائحه بعدما كانوا يعيشون بوئام وسلام. وأقاموا مجالس العزاء العلنية بعد 300 سنة على مقتل الحسين.
كما تم بناء القباب على القبور. واتبعوا أخطر أساليب الفرس في هدم الدول وتفتيت المجتمعات، تأسيس ميليشيات، فقد ظهر في بغداد (العيّارون) وهم ميليشيا مكونة من لصوص وقطاع طرق ومن السفلة الهمج مارسوا -كالحشد تمامًا- قتل الناس وسرقة أموالهم وحرق منازلهم وعند قدوم عاشوراء يكونون في مقدمة المواكب. وأبطل البويهيون الجهاد، فعندما ” استغاث أهل الجزيرة بالعاصمة بغداد لصد غارات الروم، وأستجاب الشعب في بغداد لهذا النداء وتجهزوا للجهاد، أرسل بختيار بن معز الدولة إلى الخليفة العباسي يطلب مالا لتجهيز الناس للغزو. فاضطر الخليفة لبيع أثاث بيته ليدفع له المال! ولكن بختيار أنفقها على مصالحه الشخصية، وشهواته وأبطل أمر الغزو”.وشجع البويهيون التحريض وبث الفرقة الطائفية بين الناس حتى حصلت حرب طائفية قتل فيها خلق كثير في بغداد في سنة349 ﻫ فتعطلت صلاة الجمعة في جميع مساجد بغداد”! فما أشبه أمس بغداد بيومها! وكان للبويهيين شبكة اتصالات وعلاقات دولية مع الأحزاب والحركات المؤيدة للفرس في العالم الاسلامي آنذاك، “فهذا الملك البويهي يطلب شهادة حسن سلوك من الدولة العبيدية في مصر ويشعرهم بالوقت نفسه أنه هو المدافع عنهم أمام الزحف التركماني السلجوقي السني” كما ساند البويهيون دولة الحشاشين المنفصلة عن الدولة العبيدية. فكان البويهيون أخطر على الإسلام والمسلمين من المغول الهمجيين.