لماذا أرفض النقاش في الموضوع الإيراني؟

نعم أنا أرفض النقاش في موضوع الهيمنة الإيرانية على العراق، ببساطة لأني أعتقد أن مجرد القبول بهذه الهيمنة هو خيانة بكل المقاييس الدينية والوطنية والأخلاقية.
مما أسجله للشعب الكويتي الشقيق؛ أنه كان في الثمانينات من أكثر الشعوب العربية حبّا لصدام حسين وللجيش العراقي، وهذه حقيقة لا يشك فيها أحد، لكن في يوم واحد انقلب هذا المزاج وإلى اليوم؟ لم يشفع لصدام كونه (سنيا) أو (قوميا) ولا أنه ضرب إسراييل فيما بعد.
لم يثر نقاش في الشعب الكويتي عند (الإسلاميين) حول مشروعية توحيد الدول الإسلامية ولو بالقوة، ولم يتأثروا بالمظاهرات التي كانت تهتف لصدام في فلس-طين وغيرها من بلاد المسلمين.
وقل مثل ذلك في الحركة القومية الكويتية التي تأسست على فكرة (الوطن العربي الكبير).
وهكذا في كل شرائح المجتمع الكويتي.
لماذا؟
لأنه باختصار؛ وجود (بسطال) جندي عراقي واحد على أرض الكويت بدون موافقة من الكويتيين يعتبر إهانة لكل كويتي، بغض النظر عن كل الملابسات الأخرى.
أعجب اليوم غاية العجب من عراقي يناقش (هل يجوز التحالف مع المبتدع غليظ البدعة أو خفيفها) وهو هنا لا يقصد شريحة معينة من شرائح الشعب العراقي، وإنما يقصد دولة أجنبية ابتلعت العراق وصارت تتحكم فيه وفي سياساته وثرواته وعلاقاته.
يناقش جواز التحالف مع (المبتدع)، وينسى أن هذا المبتدع يمثل مشروعا قوميا إمبراطوريا توسعيا، وهو على استعداد أن يحارب كل من يقف في طريقه ولو كان يشاركه في بدعته، انظروا كيف يتعامل مع شيعة الأحواز لكونهم عربا، وكيف يتعامل مع شيعة أذربيجان، حيث تحالف مع أرمينيا ضدهم، وكيف تعامل مع (ثوار تشرين) وهم شيعة لكن الشعور بالكرامة عندهم مقلق جدا.
لقد تعاون هذا (المبتدع) مع المحتل الأمريكي وتقاسم معه الهيمنة على مقدرات العراق، واشترك معه في محاربة المقاومة العراقية، وتدمير الفلوجة وغيرها من حواضن المقاومة العراقية الباسلة.
ثم تمدد هذا (المبتدع) ليبسط هيمنته على سورية، فقتل من أهلها قرابة المليون وشرد منهم أكثر من عشرة ملايين ليجبرهم على القبول بالأمر الواقع، لكن كرامتهم أبت ذلك، ولم نسمع من بينهم هذه الفلسفات والجدالات (الفقهية) حول حكم (التحالف مع المبتدع).
نعم أنا أتفهم أن يقول شخص: أنا لا أقدر أن أفعل شيئا، لكن أن يمجّد بمن يحتل أرضه، ويغتصب عرضه، ويسلبه ماله، ثم يذهب ليقلب أوراق الفقهاء لعل هناك فتوى تجيز له القبول بالأمر الواقع، ولو كانت هذه الفتوى كتبت في زمن آخر ووضع آخر، فهذا ليس إلا محاولة للهروب من الواقع، وكذلك محاولة تزيين هذا (المبتدع) بذكر مآثره في ساحات أخرى دون النظر في دوافعها وملابساتها.
لقد تكلمنا عن عقيدة هذا (المبتدع) وخطره على الإسلام نفسه، بما يغني، لكني أردت في هذه النفثة أن أشير إلى معنى فطري مغروس في ذات كل إنسان طبيعي؛ أنه يرفض الإهانة، واستلاب الكرامة، ولو كانت من أقرب المقربين منه. ولكن الكرامة ليست دواء نشتريه من الصيدلية. ولا فجلا مشترية من البقال.
مع أني على يقين أن هذه الانتكاسة في الفطرة لا تمثل الشعب العراقي المعروف بشدة حساسيته في كل ما يمس شرفه وكرامته
محمد عياش الكبيسي