الرئيس نواف سلام أفرط بعلمانيته وفَرّط بسُنّيته

كتب-حميد خالد رمضان:
مما لا شك فيه ان الطائفة السُنّية مبلية بخروج اشخاص من رحمها ليتولوا مناصب على أساس ذلك ومع ذلك تراهم يبحرون عكس التيار ليثبتوا لمن يعادي التوجه العقائدي بأنهم بعيدين كل البعد عنه وبالتالي هم علمانيين-حداثيين- ليبراليين وهي مداهنة الغاية منها وصولهم الى مناصب تتطلب تبني مصطلح العلمانية والحداثية والليبرالية،هذا يمكن أن يحدث في دول تمارس ابجديات تلك المفاهيم ولكن من المستحيل أن تطبق ببلد يتبنى الطائفية تحت مظلة وهمية اسمها(الميثاقية)وأعني بها لبنان الذي هو وطن فيه 18 مكون طائفي ولكل منها حصة في نظامه منذ نال إستقلاله..
بالعودة الى نواف سلام الذي يتشدق قولا وعملا أنه بعيد عن الطائفية حيث مارس ذلك فعلا مع مرجعية طائفته الدينية(دار الفتوى)كونه لم يقم بزيارته عقب تكليفه بتشكيل الحكومة بينما العماد جوزاف عون وفور إنتخابه رئيسا للجمهورية يمم وجهه شطر بكركي لينال بركة سيدها،ولحقه فيما بعد قائد الجيش (الماروني)والأنكى من ذلك ما يقوم به رئيس مجلس النواب اللبناني الشيعي نبيه بري حيث لا يترك مناسبة دينية(شيعية) إلا ويشارك بها،ولا ننسى شيخ عقل سياسة الطائفة الدرزية وليد جنبلاط الذي يجول في كل مناسبة على مشايخ طائفته مع ان مندرجات حزبه التقدمي الإشتراكي(علمانية) وكل المذكورين أعلاه يتمسحون على أعتاب كنائسهم وحسينياتهم وخلواتهم طلبا لبركة او دعاء او قربان..
بالعودة الى نواف سلام الذي أفرط بعلمانيته وفَرّط بسنيته التي لولاها لما
كان رئيسا للحكومة وبالتالي كان عليه أن يخجل من تصرفاته التي توحي بأنه رجل هلامي مشوه التفكير ومفكك ثقافيا ومترهل العقل وغبي بفهم الواقع الطائفي الذي يتسيد العمل السياسي في لبنان و الذي اوصله كما أسلفنا أعلاه الى سدة رئاسة الحكومة.
هذا النواف مارس علمانيته عندما لم يشارك بأي طقس ديني (سُنّوي) ولكنه داس عليها بنعاله عندما شارك بقداس(مار مارون) جنبا الى جنب مع رئيس الجمهورية مستمعا الى عظة دينية مسيحية يلقيها البطريرك بشارة الراعي ومن ثم داس عليها للمرة الثانية عندما صلى صلاة عيد الفطر في بيت الله الحرام (مكة)جنبا الى جنب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز،أما أن يصلي فقط يوم الجمعة او يو عيد مع مفتي الجمهورية فهذا كفرا بواح بالعلمانية..
هذا النواف العلماني مع مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان،والديني مع مار مارون والمسلم المؤمن مع ولي عهد خادم(الحرمين الشريفين) يثبت أن علمانيته لا تحارب إلا الإسلام،يُفرّط بها عندما يكون التفريط يخدم مصالحه أي أنه يمارس نظرية ماكيافللي(الغاية تبرر الوسيلة)ويُفِرط بالولاء لها عندما يتعلق الأمر بطائفته التي ينتمي لها بالوراثة وهذا لعمري منتهى الإنتهازية بمكان ومنتهى الزندقة بمكان آخر،ومروق وقح بكل الأماكن..
هذا النواف أثبت بأفعاله أنه رجل (حربائي-زئبقي-نفعي)مستعد لتبديل جلده حسب الطقوس التي يتعرض لها وجل ما يهمه خدمة مصلحته الشخصية ليس إلا،وللأسف طائفتنا الكريمة(السُنّية) متخمة بأمثاله الذين لديهم الإستعداد لخيانة عقيدتهم وتهميش طائفتهم كرمى لعيون شبقهم لسلطة او مال او جاه،بينما قادة المكونات اللبنانية الأخرى من أصغر موظف فيها الى أكبر مسؤول فيها هم خدم لصالح طوائفهم مع أنهم يتشدقون صبحا ومساءا(ظاهريا) بأنهم علمانيين مدنيين ليبراليين ولكن عندما تحق الحقيقة تراهم أكثر طائفية من علماء ومشايخ وبطاركة ومطارنة اديانهم.
لطالما ذاقت الأمرين الطائفية السُنّية على يد أمثال نواف سلام وللأسف هم الآن من يتولى قيادتها ويتحدث بالنيابة عنها،ولكن ليس الحق عليهم بل الحق على شيبها وشبابها الذي أفرطوا بالهروب من مواجهة الحقيقة التي تلزمهم بحسن إختيار من يمثلهم وبعدما فرّطوا بكرامتهم ودينهم وإنسانيتهم،وبمقابل ثمن بخس باعوا بسوق نخاسة الآخرين قيم لو تمسكوا بها لما كان نواف سلام وأمثاله في الصفوف الأولى .