لماذا تتفاوض حكومة غزة مع كل شياطين الأرض ولا تتفاوض مع السلطة الفلسطينية في رام الله؟

يفاجئني حفيدي بالسؤال قائلا يا سيدي في كل يوم وكل صباح وكل مساء أتابع الأخبار فأجد أن حكومة غزة تفاوض الأمريكان والإسرائيليين والمخابرات المصرية، وتحاول الوصول الى حل جزئي مع كل مجرمي العصر وحطب جهنم وشياطين الإنس!
فلماذا لا تتفاوض قيادة حكومة غزة وحركة حماس مع السلطة الفلسطينية في رام الله، والتي لم يصل كفرها وسوءها وفجورها واجرامها عشر معشار ما بلغه إجرام كل من تتفاوض معهم قيادة حكومة غزة، كما أن أخطاء وانحرافات وظلم وفجور حكام رام الله لم يبلغ حبة قمح في ميزان من تمتدحهم وتثني عليهم قيادة حركة حماس في كل مناسبة؟
أجبته قائلا: يا حفيدي إن التفاوض مع شياطين الإنس وحطب جهنم ومشاريع الكفر وأجهزة الاستخبارات العربية والغربية والإدارة الأمريكية يرجى منه الإبقاء على حركة حماس في منظومة الحكم المشوهة والموهومة في غزة، أما التفاوض مع السلطة الموهوبة في رام الله، فسيفضي لا محالة إلى نقص رصيد وصلاحيات حركة حماس في حكم موهوب لها في غزة!
تصور يا حفيدي كيف وصلنا بأيدينا وخطواتنا وبسبب فساد التصورات وقصور الاجتهادات في المسار الوطني والإسلامي الفلسطيني إلى تشويه القضية الفلسطينية وحرفها وإخراجها عن السكة، فكنا لعنة ونقمة على فلسطين ولم نكن لها ولأهلها المضحين الطيبين رحمة، وبدل أن تكون فلسطين جوهرة الأمة الدافعة للتغيير والتحرير والوحدة، باتت فزاعة بعد أن حولها الأمريكان والإسرائيليين إلى نافذة إخضاع وتركيع لعموم المنطقة!
وبعد كل هذا ورغم أنهار الدماء الزكية النازفة، لايزال بنو قومنا يتنازعون كالديكة المسعورين على مزبلة استزلهم إليها الأمريكان عندما رموا الطعم في أوسلو فابتلعه ياسر عرفات وبقيت حماس تنازعه اللقمة، وتلتهم كل قطعة يتجشؤها ويلفظها بعد كل غصة.
يا حفيدي العزيز نحن وكل فلسطين في مسار خاطئ لن يثمر نصرا حتى لو أطلقنا على إسرائيل مليون صاروخ، وحتى لو بتنا ننفذ كل صباح وكل مساء عملية استشهادية في القدس والضفة … فهل تعرف لماذا؟
لأننا استبدلنا مشروع البناء والتغيير والتحرير بمشروع السلطة، ورضينا كالأذلاء أن نتصارع كالوحوش الضارية على قطعة لحم فاسدة يلقيها إلينا المحتل الإسرائيلي ويزوده بها سيده الأمريكي!
توتر حفيدي من وقع ووجع الكلام فكبر سائلاً وقائلا يا سيدي وأين الشهداء؟ فأجبته مطمئنا ومهدئا من روعه وقائلا له: هم في كنف الرحمن وأطفالنا كالعصافير في الجنان، ولكن سنن التغيير التي سنها الله وجعلها قوانين لا تجامل أحدا حتى لو كان من الأنبياء.
اللهم أرسل لفلسطين رجلا من أقصى المدينة يسعى ينير لنا الطريق بعد أن استفحل فينا وبيننا الخلل والانحراف، وبعد أن خرجنا جميعا عن السكة، فبات الأعداء يستفيدون من خيرنا كما يستثمرون شرنا، فكلاهما خارج السكة الصواب.
مضر أبوالهيجاء فلسطين-جنين 27/4/2025